سعيد بناني
مدير مشروع بمؤسسة الأطلس الكبير
مشتل للأشجار المثمرة في مركز عبد العزيز بن ادريس لحماية الطفولة بفاس “نموذجا”
حسب وزارة الشباب والرياضة، فمراكز حماية الطفولة هي تلك الفضاءات التابعة لوزارة الشباب والرياضة تتولى مهمة إعادة تربية الاحداث الجانحين المحالين عليها من طرف السلطات القضائية طبقا لمقتضيات قانون المسطرة الجنائية، وتعمل على تقديم خدماتها التربوية باسمرار لتأمين شروط الرعاية التربوية الكفيلة بإصلاحهم وتأهليهم للاندماج في المجتمع.
وعدد مراكز الطفولة بالمغرب حاليا 20 مؤسسة بطاقة استيعابية تقدر ب 2075، منها 15 للذكور بما في ذلك ناديين للعمل الاجتماعي، و5 مراكز خاصة بالإناث. تتراوح اعمار النزلاء ما بين 12 الى 18 سنة.
تلعب التربية البيئية دورا كبيرا في ترسيخ القيم النبيلة داخل مجتمعاتنا المغربية. فكما نعلم أن معظم مجالاتنا تعاني من عدة اختلالات، من بينها والذي سنركز عليه في مقالنا هذا هو الجانب البيئي والتربوي. ومن هذا المنطلق يمكن أن نلاحظ ان معظم شبابنا الحالي يجهل أهمية العناية بالبيئة التي تحيط به، فهو يعتبرها غالبا جزاء هامشي في حياته اليومية. من هنا نود ان نشارك معكم تجربة عملت عليها مؤسسة الأطلس الكبير، الهدف منها هو المساهمة في تحقيق التنمية المستدامة على صعيد التراب الوطني. فكما هو معلوم فالتوجه الحالي للملكة المغربية أو ما يمكن أن نسميه الهدف الوطني هو تحقيق التنمية المستدامة داخل جميع اجزائها الترابية واشراك جميع الفئات المكونة للمجتمع. فوعيا منها أي مؤسسة الأطلس الكبير بأهمية المحافظة على البيئة ودعم التنمية المستدامة الذي هو من اهم شعاراتها. عملت مع مختلف شركائها على انجاز مشاريع مستدامة داخل مختلف جهات المملكة.
سنحاول أن نشارك معكم أهم هذه المشاريع ومدى تأثيرها على فئات معينة داخل أطراف المجتمع المغربي. فبفضل الشراكات التي تعقدها مؤسسة الأطلس الكبير مع باقي المؤسسات العمومية وجمعيات المجتمع المدني، تسعى الى اشراك الساكنة المحلية في إنجاح مشاريع تنموية هدفها هو ان تعالج به نقص معين ودعم في نفس الوقت للمجتمعات المحلية. النموذج الذي بين ايدينا اليوم، ما هو الا دليل على هذه المجهودات التي تقوم بها المؤسسة في مختلف جهات المملكة المغربية ومختلف القطاعات الحيوية. فبعد أزيد من سنة على مرور هذا المشروع والذي جاء من أجل إدماج فئة معينة من المجتمع المغربي داخل المسار التنموي الذي تسعى الدولة المغربية الى تحقيقه عن طريق اشراك جميع الفاعلين التنمويين.
فقد عقدت مؤسسة الأطلس الكبير شراكة مع أحد الجمعيات المحلية بمدينة فاس ” جمعية خبراء متطوعون” وفي نفس الوقت بشراكة مع مديرية وزارة الشباب والرياضة لجهة فاس مكناس. الهدف من هذه الشراكة هو انشاء مشتل للأشجار المثمرة تحترم المعايير البيولوجية، تنتج فيه مجموعة من أنواع الأشجار المثمرة، يتم توزيعها فيما بعد على الساكنة المحلية لجهة فاس مكناس، ولما لا باقي جهات المملكة. الهدف من هذا المشروع ليس فقط تزويد المجتمعات المحلية بالأشجار بل هو إدماج النزلاء والأحداث على هذا المركز داخل هذا المشروع بغيت استفادتهم من تكوين وتأطير في المجال الفلاحي وحصص مدعمة في التربية البيئية. وبالفعل تم اشراك مجموعة من هؤلاء الأطفال في العديد من الورشات التي انجزتها مؤسسة الأطلس الكبير وباقي شركائها. والتي لقت أستحسان ودعما من الأطر الإدارية بالمركز بما فيها السيد المدير وكذلك الأطر التربوية المشتغلة بالمركز، دراية منهم بأهمية المشروع داخل مؤسسة عبد العزيز بن ادريس لما له من تأثيرات إيجابية على وضعية النزلاء داخل المركز، بحيث سيضاف لهم نشاط اخر إضافة الى باقي الأنشطة والورشات التي يستفيدون منها كالحدادة وأقسام التربية غير النظامية وبعض الورشات الإضافية والتي تكون في الغالب عبارة عن تكوينات محددة المدة. لذلك لم يبخلوا بدعم هذا المشروع بجميع الوسائل التي أتيحت لهم، وتتبعه عن كتب مع أعضاء مؤسسة الأطلس الكبير ممثلة في مدير مشاريعها في جهة فاس مكناس “سعيد البناني” و ” خالد الناجي” المكلف بالعناية بالمشتل.
يصل عدد المستفيدين في بعض الأحيان خلال التكوينات الفلاحية الى 15 طفلا، بحيث يتم اشراكهم بطريقة غير مباشرة داخل النشاط الفلاحي المزاول بالمشتل. قبل ذلك قمنا بتعريف الأطفال النزلاء بدور هذا المشتل في المساهمة في تحقيق التنمية ببعض المناطق المجاورة التي هي في أمس الحاجة الى المزيد من الأشجار المثمرة لدعم مدخول ساكنتها المحلية والتي في الغالب ما تعتمد على النشاط الفلاحي كمصدر اولي للحصول على المدخول اليومي. فمشاركة هؤلاء النزلاء في المركز في هذا المشروع خول لهم المساهمة في تحقيق تنمية مجتمعاتهم، فالبذور التي تما غرسها معهم أصبحت شتلات يمكن توزيعها على الفلاحين.
نسعى دائما بالتنسيق مع أطر مركز عبد العزيز بن ادريس، الى اشراك الأطفال في هذا المشروع المستدام الذي يهدف الى انتاج أشجار مثمرة وبطريقة بيولوجية بحيث ينعدم استعمال الأسمدة الكيماوية. فالأطفال يستفيدون من تعلم مجموعة من المهارات وتلقي تعليم بيئي متوازي مع هذه الأنشطة، فكل يوم ينظم فيه الأطفال الى المشتل برفقتنا نسعى أن نشاركهم أفكار جديدة وتقنيات يمكن أن يستعينوا بها في حياتهم المستقبلية. لذلك فهم يعبرون دائما عن سعادتهم بالانضمام الينا ومعاينة وضعية الشجيرات فيما تحتاجه من عناية. (سقي وإزالة الأعشاب الضارة) يطرح الأطفال مجموعة من الأسئلة عن أسباب استعمال هذه الطريقة وما الهدف من هذه التقنية وغيرها من الأسئلة التي يطرحها الأطفال على أعضاء مؤسسة الأطلس الكبير أو الأطر المشتغلة بالمركز. ويصبح هؤلاء الأطفال أكثر سعادة عندما تكون زيارة معينة للمركز ويرافقون الزائر وهم متشوقون لتقديم التغيير الذي لحق المركز بعد انجاز مشروع المشتل، والنتائج التي تم تحقيقها، بعد ما كانوا يساهمون في العناية بالشتلات ومراقبتها تنمو. فكثيرا ما نسمع هذه العبارات تتردد على مسامعنا من ألسنة الأطفال ” أنظروا الى البذور والشتلات التي غرسناها معا، لقد أصبحت أشجارا كبيرة. إنها تنمو بشكر سريع”
يستضيف المركز الأطفال من مناطق ومدن مختلفة، بعضهم جاء من المناطق الريفية. مما يعني أن لديهم فكرة مسبقة عن بعض الأنشطة الفلاحية، وبعضهم قد حافه الحض أن يحضر تجربة غرس أشجار معينة في أرضهم الفلاحية. أثناء وجودهم في الورشة يتشاركون أسماء النباتات المحلية التي تنمو في المركز، تسمعهم يتحدثون مع بعضهم البعض عن تلك النباتات والأشجار وكيفية التعامل معها والاستفادة منها كأعشاب طبية أو كطعم للمواشي…
أما بالنسبة لأولئك الذين لديهم تجربة أولى بالاحتكاك بالنشاط الفلاحي وعبروا عن رغبتهم في حضور بعض الورشات الفلاحية، يكون من الصعب عليهم في بعض الأحيان فهم ما يجري في مشتل الأشجار المثمرة، لكن مع حضورهم المتتالي ومشاركتهم في الأنشطة والورشات الفلاحية تتضح لهم أهمية كل مرحلة على حدة لكي تصبح البدرة شجرة.
نتحدث في هذه التجربة عن مجموعة من الأطفال تختلف أعمارهم وخلفيتهم المجتمعية. منحت لهم فرصة التعلم من بعضهم البعض، وبتنسيق مع مؤسسة الأطلس الكبير وموظفي مركز عبد العزيز بن ادريس لحماية الطفولة.
ان هؤلاء الشباب وبهذه الأنشطة والورشات المختلفة، تصبح لديهم فرصة لبناء شخصية يمكن أن تصبح محرك للتنمية في مجتمع معين. بالمزيد من التداريب والورشات التعلمية التي ننظمها للأطفال في هذه الوضعية، نساهم في نقل القدرات لتحسين وضعية عيشهم، وبعبارة أخرى يساعد هذا النوع من المشاريع (مشتل الأشجار المثمرة) على تكوين شباب أكثر نشاطا وعطاء في المجمع المغربي.