تم كتابة هذا المقال من طرف السيدة كوثر القاض
لا يتخلى المهاجرون عن عائلاتهم وأصدقائهم وحياتهم عن عبث. فقد يحوّل البؤس وتدهور البيئة والاضطهاد الحياة إلى جحيم لا يُطاق. وحين تُهدد الحرب حياتهم تهديداً مباشراً، يبقى الفرار الخيار الوحيد للبقاء على قيد الحياة
والأسباب التي تدفع الناس إلى الهجرة متعددة ومعقّدة. ومن بين هذه الأسباب يمكن ذكر استحالة تأمين عيش كريم لعدم توفر فرص عمل أو عدم وجود خدمات عامة كالصحة والأمن والتعليم أو تعطلها التام، أو الرغبة في الالتحاق بأفراد من العائلة استقروا في الخارج. وإن كانوا سيعبرون البحر الأبيض المتوسط أو المغرب العربي أو ممر أمريكا الوسطى، فرحلتهم تكون دائماً طويلة ومحفوفة بالمخاطر، وقد تتوقف أحياناً قبل الوصول إلى الوجهة المنشودة
وينقطع الاتصال أحياناً بين المهاجرين وعائلاتهم .وفي كل عام يلقى الآلاف منهم حتفهم أو يُفقد أثرهم. ناهيك عمن يبقون محتجزين لفترات طويلة بسبب دخولهم أو مكوثهم في بلد أجنبي بصفة غير شرعية. ويزيد انقطاع الاتصال من خطر فقدان المهاجر في حين تعاني عائلته التي بقيت في بلده معاناة نفسية شديدة لأنها لا تعرف ما حلّ به وحين يصل المهاجرون أخيراً إلى وجهتهم، فغالباً ما يتعذّر عليهم الحصول على سكن أو الاستفادة من الرعاية الصحية والتعليم وفرص العمل
لقد أولى صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله أهمية خاصة من أجل تمكين الشباب في صلب ولايته كرائد في مجال الهجرة، وأن ترتكز سياسات الهجرة على التنمية و الاندماج الاجتماعي للمهاجرين و حماية حقوقهم، حتى تتسنى للشباب فرص جديدة تشجعهم على الاستقرار في بلدانهم الأصلية
من أجل بلورة وتنفيذ سياسة عمومية فعلية في مجال الهجرة ضامنة لحماية الحقوق و مرتكزة على التعاون الدولي و على إدماج المجتمع المدني عملت جامعة سيدي محمد بن عبد الله على افتتاح العيادة القانونية بكلية الحقوق بفاس بشراكة مع مؤسسة الأطلس الكبير و بتمويل من National Endowment for Democracy (NED) و Middle East Partnership Initiative (MEPI) لتقديم تكاوين لفائدة طلابها في المجالات المتعلقة بالهجرة، اللجوء، الاتجار بالبشر و الوساطة الأسرية وذلك لتمكينهم من تقديم استشارات قانونية مجانية لفائدة المستفيدين
بالإضافة إلى ذلك تقدم العيادة القانونية ورشات تكوينية لفائدة جمعيات المجتمع المدني من أجل التحسيس بالمجال القانوني والتعريف بالعيادة القانونية و المجالات التي تشتغل عليها. كما تمكنت من تفعيل الشراكة مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين من أجل تضافر الجهود و العمل على تمكين المهاجرين وطالبي اللجوء الحصول على وضعية قانونية لتمكينهم من الاندماج في المجتمع و توفير ظروف عيش كريم
و بصفتي مساعدة قانونية بالعيادة القانونية و طالبة باحثة بسلك الدكتوراه بدوري تمكنت من الاستفادة من التكوين التي تندرج ضمن برنامج العيادة القانونية و ذلك بهدف تقديم استشارات قانونية للمستفيدين منهم أجانب ومغاربة في المجالات التي تم ذكرها. في هذا الإطار تمكنت من تقديم استشارات قانونية مجانية و مواكبة مستمرة للمستفيدين منهم طالبي بطاقة الإقامة، منهم طالبي اللجوء بالإضافة إلى العمل كوسيط في المجال الأسري،و المحور المتعلق بمجال الإتجار بالبشر
كما لا يخفى على الجميع أن كل ميادين العمل تواجه عراقيل متعددة منها على وجه الخصوص ملفات الهجرة. نذكر من بينها عدم توفر المستفيد على (عقد كراء أو على شهادة التسجيل بالجامعة و مشاكل أخرى……) لكن بفضل كل أعضاء العيادة القانونية منهم المساعدين القانونيين « السيدة كوثر القاضي » والسيد عبد السلام فوزي زيزي, تحت اشراف مدير العيادة القانونية الأستاد « سعيد البكوري » ونائبة المدير الأستاذة « زينب الفاسي الفهري« تمكنا بفضل الجهود المشتركة للتصدي لمثل هذه المشاكل و حلها
كما أخص بالذكر المواكبة التي نحضى بها من طرف مدير مؤسسة الأطلس الكبير السيد يوسف بن مير و بمساعدة أطر العمل السيدة صفاء بوهلالة المسؤولة عن التدبير المالي و المحاسباتي , بسمة عقبي المسؤولة عن برامج التكوين بالمشروع و السيد نبيل منسق البرامج بالمؤسسة
وفي الختام أشكر كل من ساهم في انجاح هذا المشروع و السهر على ضمان استمراريته و تقديم المساعدات للمستفيدين سواء على المستوى العملي أو النفسي . كما أشكر كل من منحني الثقة و فرصة الاشتغال في المجال الذي أعتبره واجب إنساني قبل أن يكون واجب عملي