أسبوع الوئام العالمي بين الأديان
حوار مع فاطمة الزهراء المجدوبي: المشرفة على كنيس ابن دنان في فاس
فاس، المغرب
كان تكليفي بمهمة رعاية الكنيس شرفا لي. أشعر وكأنني حملت مشعل والدي الذي أمضى سنوات في الحفاظ على الكنيس. بعد وفاة والدي، كلفتني الطائفة اليهودية في فاس بهذه المهمة، وشعرت بالفخر لتكليفي بمثل هذه الوظيفة المقدسة
فاطمة الزهراء المجدوبي
فاطمة الزهراء المجدوبي مع المنسق الميداني لبرنامج ذاكرة-مؤسسة الأطلس الكبير محمد الشاذلي خلال مقابلة في كنيس ابن دنان، فاس، المغرب. الصورة: مؤسسة الأطلس الكبير
يضم ملاح فاس، الأقدم بالمغرب، مئات السنين من قصص الوئام بين الأديان. وقد أوكلت مهمة الاهتمام بكنيس ابن دنان في فاس، الذي يعد أحد المكونات الرئيسية لماضي المدينة الذي يحفل بالتعايش بين الأديان، لعائلة مسلمة. يعود تاريخ الكنيس إلى القرن 17، إذ يعتبر أقدم كنيس يهودي “ميغوراشيم” في المغرب. أسسته عائلة بن سيدان، وكانت آخر عائلة يهودية اعتنت به تسمى ابن دانان. ومن هنا جاء اسم المكان
كان والد فاطمة الزهراء المشرف الرئيسي على الكنيس بحيث أمضى أكثر من 30 عاما وهو يهتم به. شهد الكنيس عمليتي ترميم رئيسية: الأولى في سبعينيات القرن التاسع عشر والأخرى في تسعينيات القرن العشرين. أعيد افتتاح الموقع في عام 1999. “كان والدي با عمر هو من يشرف على الكنيس. توفي في عام 2019، فتوليت هذه المهمة كوني كنت أقضي معظم وقتي معه عندما كان يعتني بهذا المكان. لذلك أعرف كيف أدير أمور هذا المكان
وأضافت فاطمة الزهراء: “أعتقد أنني لم أختر هذه الوظيفة، بل اخترت لها نظرا لكمية الوقت الذي قضيته هنا. أبلغ من العمر 36 سنة، لكنني كنت فقط في 15 من عمري عندما كنت أحل محل والدي عندما كان يسافر. اعتدنا أن نقضي بعض الوقت هنا معا علمني خلاله كيفية الترحيب بالزوار وتعريفهم على تاريخ الكنيس. نشأت وأنا أشاهده يعتني بهذا المكان، لكنني لم أكن أدرك مدى قدسيته بالنسبة للشعب اليهودي. عندما أصبحت راشدة، أدركت أهمية المسؤولية التي كان والدي يتحملها
أثناء التجول في المكان، يمكن للمرء أن يحصل على لمحة عن الماضي التعددي الدائم للمدينة. تتميز الهندسة المعمارية للمبنى بمزيج من الفن الإسلامي واليهودي، مع أبواب خشبية مقوسة يحدها الزليج المغربي. “في الواقع، كثير من يزورون الكنيس بشكل متكرر. أستقبل دائما مجموعات وأفرادا من مختلف البلدان والأديان. ليس فقط الزوار اليهود، ولكن أيضا أشخاص من ديانات أخرى. بالنسبة لي، هذا تراث مغربي مشترك يجب أن نعززه ونحافظ عليه
“سمعت بعض القصص من عمتي عن ذكرياتها مع عائلة يهودية كانت تتقاسم معها نفس المنزل في الملاح، وبعد ظهر كل يو ، كانوا يجتمعون لشرب الشاي
حسب فاطمة زهرة، فإن حماية أماكن الذاكرة هذه مسؤولية مشتركة. “يجب أن نوحد جهودنا وننضم للمدارس ومنظمات المجتمع المدني وأولياء الأمور والمعلمين لتثقيف جيل الشباب حول أهمية الحفاظ على هذه المواقع لأنها الشاهد على ماضي بلدنا المتعدد الثقافات. يجب أن نسعى جاهدين لإعادة ربط شبابنا بماضي المغرب حتى نحافظ على تراثنا المشترك الذي ورثناه عن أجدادنا
كنيس ابن دنان، فاس، المغرب. الصورة: محمد الشاذلي/مؤسسة الأطلس الكبير
تعتبر فاطمة زهرة واحدة من بين العديد من المشرفين المسلمين على المواقع المقدسة اليهودية المغربية الذين يفخرون بعملهم. “عندما تصل إلى هنا، تجد كنيسا يهوديا في قلب حي مسلم، وعائلة مسلمة تعتني به لسنوات. أعتقد أن المغرب يمكن أن يكون نموذجا للوئام بين الأديان لبقية العالم
—
هذا الحوار هو جزء من سلسلة من الحوارات التي تحتفل بأسبوع الوئام بين الأديان (1-7 فبراير 2023) والتي تم إجراؤها في إطار برنامج ذاكرة التابع للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، الذي تنفذه مؤسسة الأطلس الكبير وشركاؤها. يهدف البرنامج إلى تعزيز التضامن بين الأديان والأعراق من خلال الجهود المجتمعية التي تعمل على الحفاظ على التراث الثقافي في المغرب
تم إنجاز هذا المقال بدعم من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID). تعتبر مؤسسة الأطلس الكبير المسؤولة الوحيدة عن محتواه والذي لا يعكس بالضرورة وجهات نظر الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية أو حكومة الولايات المتحدة