جريمة الاتجار بالبشر بين الماضي والحاضر/ بقلم: فاتن بلكبير, Al-bayader.
من فاتح يونيو وإلى غاية 4 يونيو 2021، نظم أعضاء فريق *العيادة القانونية بفاس*، بشراكة وإشراف من *مؤسسة الاطلس الكبير *، ورشة عمل بعنوان *”Imagine“* لفائدة مجموعة من النساء من مدينة صفرو
يعتبر الاتجار بالبشر من أقدم أنواع التجارة التي عرفتها المجتمعات الانسانية القديمة تحت اسم الرق، وهو من أخطر الجرائم التي عرفتها الإنسانية جمعاء منذ القدم وإلى حدود يومنا هذا
حيث كانت تنتشر على وجه الخصوص في زمن الحروب التي كانت تدور رحاها بين القبائل المتناحرة، حين كانوا يستعملون طرق الخطف المنظم، ثم بعد أن تضع الحرب أوزارها تتم عمليات البيع والشراء فيما كان يسمى آنذاك “بسوق الرقيق”
وبعد ذلك، تطورت الجريمة المنظمة وانتشرت لتصبح عابرة للحدود الوطنية في ظل العولمة وحرية التجارة وسهولة تنقل الأفراد والسلع بين البلدان، أصبحت جريمة الاتجار بالبشر أكثر انتشارا إلى أن أضحت ثالث أكبر تجارة غير مشروعة على المستوى العالمي، وذلك بعد جريمة الاتجار غير المشروع بالأسلحة والمواد المخدرة، وفقا لبعض التقارير الرسمية الصادرة عن بعض البلدان
وأمام هذا الوضع الخطير لم يقف المجتمع المغربي صامتا ومكتوف الأيدي، وإنما بذل جهدا ملحوظا من أجل محاولة مواجهة هذه الجريمة ومكافحتها في سياق قانوني، إذ صدر في 25 غشت 2016 القانون رقم 27.14 المتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر والذي جاء لتتميم أحكام الباب السابع من الجزء الأول من الكتاب الثالث من مجموعة القانون الجنائي
إذ بموجب هذا القانون، يعاقب المشرع المغربي على جريمة الاتجار بالبشر بمجرد ما أن يقوم أحد الأشخاص بإرادته وإدراكه التام بالتحايل على الضحية أو خداعها من أجل استغلالها للقيام بعدة أفعال غير مشروعة، عن طريق الاغراء والحيلة أو نقلها من محل اقامتها إلى مكان آخر، أو تحويلها من موضع لآخر باعتبارها مجرد بضاعة، ثم التحكم فيها أو استقبالها (دون اشتراط ابقاء المجني عليه في مكان معين) أو إخفاءها عن أنظار الناس والسلطات وذلك بتدبير مكان وملاذ آمن لإقامتها بهدف استغلالها، وذلك باستعمال مختلف وسائل التهديد لإلقاء الرعب والخوف في نفس المجني عليه، أو الاختطاف أو خداع الضحية بواسطة استعمال ادعاءات كاذبة مدعمة بمظاهر خارجية لتضليله أو باستغلال حالة الضعف أو الحاجة أو استغلال السلطة والنفوذ وغيرها من الوسائل المحددة في الفصل 448ـ1 من القانون رقم 27-14
وفي إطار الجهود المبذولة لتعزيز سيادة القانون وحماية حقوق الأفراد وتكريس الثقة بالنظام القانوني المغربي يساهم برنامج العيادة القانونية بكلية الحقوق التابعة لجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس على تقديم المساعدة القانونية في مجموعة من التخصصات والتي من أبرزها الاتجار بالبشر، إذ تعمل هذه الأخيرة على توعية أفراد المجتمع وتكريس ثقافة مكافحة مثل هذه الظواهر بينهم بالتنسيق والتعاون مع الجهات المعنية
يأمل فريق العيادة القانونية للرفع من نسبة الخدمة لصالح لأشخاص في وضعية هشة. فكلما زاد عدد المساعدين القانونيين والمستفيدين من المساعدة والحالات التي تدعمها العيادة، زادت قدرتهم على تحسين وضعهم لاختيار ومناصرة إصلاحات سياسات معينة
نبذة عن صاحب المقال
فاتن بلكبير طالبة باحثة بسلك الماستر في القانون الخاص، تخصص العدالة الجنائية والعلوم الجنائية بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس. عضوة بالعيادة القانونية لكلية الحقوق التابعة لجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس